فتح حادثُ تسمم 110 أشخاص جراء تناولهم حلوى الإكلير في أحد المضائف في بلدة زبدين – قضاء النبطية، البابَ واسعًا أمام تساؤلات جوهرية: *ماذا يأكل المواطن؟ وهل كل ما يُقدَّم له مطابق للمواصفات الصحية؟*
الخبر تصدّر واجهة الأحداث في المنطقة، ودفع بفرق من وزارتي الاقتصاد والصحة إلى التحرك سريعًا، خاصةً أن التسمم كان جماعيًا، ما زاد من حجم الخطر والقلق.
لا شك أن الأمن الغذائي في لبنان يعاني خللاً واضحًا، إذ إن كثيرًا من المصانع والمعامل الصغيرة، وحتى تلك التي تعمل داخل المنازل، لا تخضع للمواصفات أو المعايير الصحية اللازمة. والسؤال: هل يمكن ضبط هذه الظاهرة، رغم ما تحمله من إيجابيات كفرص عمل؟
منطقة النبطية ضجّت بخبر التسمم، إذ أُصيب أكثر من 110 أشخاص بإسهال حاد وحرارة تجاوزت 40 درجة. وحتى اللحظة، لم يُحسم السبب، ما إذا كان مرتبطًا بالمعمل المنتج أو بسوء التخزين لدى من قام بشراء الحلوى لتوزيعها.
رئيس مصلحة الاقتصاد في النبطية، محمد بيطار، أكد أن "المعمل أُقفل لأنه غير مطابق للمعايير الصحية، لا من حيث البنية ولا من حيث شروط السلامة، إذ إنه مقام تحت درج أحد الأبنية". وأضاف: "تم أخذ عينة من الكريمة لفحصها في المختبر للبناء على نتائجها".
من جهته، أكد مصدر مطّلع في وزارة الصحة لصحيفة "نداء الوطن" أن قرار إقفال المصنع الذي أنتج الإكلير نهائي، مشددًا على "ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لحماية صحة الناس ومنع تكرار ما حدث".
منذ انتهاء الحرب، ارتفع عدد المصانع المنزلية التي بدأت بالعمل، من دون أن تتوفر إحصاءات دقيقة حول عددها. وبحسب مصدر مطّلع، "بات في كل منزل مصنع غذائي صغير، وغالبيتها غير مسجلة رسميًا".
في السياق نفسه، يؤكد رئيس مصلحة الاقتصاد في النبطية، محمد بيطار، أن "الأمن الغذائي خط أحمر لا تهاون فيه، ومحاسبة أي طرف يثبت مسؤوليته عن تسمم 110 أشخاص ستكون محسومة".
ويشير بيطار إلى أن "مراقبي الاقتصاد، رغم قلّتهم، يعملون على كل الجبهات، من تكرير المياه إلى المطاعم، الملاحم، الأجبان، الألبان، وغيرها، والتشدد في ضبط المخالفات تم اعتماده ولن يكون هناك تراجع".
ويضيف: "لا فرصة ثانية لأي مطبخ أو محل غذائي يثبت وجود خلل فيه، هدفنا ليس الإقفال بل تصحيح الخلل للحفاظ على عمل المؤسسات ضمن شروط السلامة".
وفي ظل ارتفاع عدد المخالفات، كثفت مصلحة الاقتصاد جولاتها، لا سيما في ملف مياه الشرب، إذ تبين من أصل 10 عينات مأخوذة، أن 5 منها غير مطابقة، وهي نسبة مرتفعة بحسب بيطار.
أما في وزارة الصحة، فيؤكد مصدر رسمي أن هناك جدية في متابعة المخالفات في القطاع الغذائي، لكن المعوقات كثيرة، أبرزها نقص عدد المراقبين وغياب الآليات اللازمة للتجوال، ما يتيح للتجار استغلال هذه الثغرات لتحقيق أرباح على حساب صحة الناس.
ويختم بيطار بالتأكيد أن وزارة الاقتصاد تتابع كل المتلاعبين بأمن الناس الغذائي، بدعم مباشر من القضاء. لكن يبقى السؤال: *هل تولي وزارتا الصحة والاقتصاد أولوية لتعزيز الرقابة ورفع عدد المراقبين، أم ستبقى السوق مشرعة أمام المخالفات وسط نقص الكادر البشري؟*